بعد قضاء قرابة الشهر في ضيافة السلطنة واستكشاف مكنوناتها الثقافية والطبيعية، غادر المغامر الفرنسي فيليب بوبون مع عائلته أرض السلطنة حاملين معهم ذكريات خالدة عن الضيافة العُمانية وثقافتها الأصيلة وطبيعتها المتنوعة، وختمت العائلة مغامرتها الاستكشافية بتاريخ 5 مايو بزيارة إلى محافظة مسندم. وقد جاءت زيارة العائلة المغامرة إلى أرض السلطنة بعد سبع سنوات قضوها في خوض المحيطات الخمسة ودراسة الحياة فيها، وقياس مستويات التلوث، والتوعية بمخاطر تلوث البيئة البحرية. وجاء اختيار محافظ مسندم كمحطة ختامية نظرًا للبيئة الطبيعية الساحرة والنظيفة التي تحفل بها المحافظة، لا سيما منتجع زيغي باي بولاية دبا الذي يتماشى في تصميمه وخدماته مع المبادرات الصديقة للبيئة التي تشجعها العائلة على في حملتهم “زهرة الجنوب”.

وقبل مغادرتهم أرض السلطنة، عبّرت العائلة على لسان البحّار الفرنسي فيليب بوبون عن سعادتهم بزيارة السلطنة وقال: “أهم ما في مغامراتنا ورحلاتنا طوال هذه السنوات هو تسليط الضوء على التهديدات المحدقة بالطبيعة، وسررنا حقًا بزيارة السلطنة واكتشاف القيم والأهداف التي نتشاركها”. وأضاف بوبون: “ستبقى حفاوة الضيافة العُمانية في ذاكرتنا لسنوات عديدة، وكذلك الجمال الطبيعي والتشكيلات الطبيعية المتنوعة في هذه الأرض”.

وقد وصل المغامر الفرنسي المشهور مع عائلته على متن قاربهم “زهرة الجنوب” في مطلع شهر أبريل بعد زيارتهم لبعض الدول على البحر الأبض المتوسط، ثم مصر عبر قناة السويس، وبعدها السودان، وإريتيريا، والصومال مرورًا بخليج عدن ووصولًا إلى صلالة.

وخلال زيارتهم للسلطنة زارت العائلة عددًا من أبرز المدن والقرى السياحية في السلطنة مثل صلالة، والدقم، وجزيرة مصيرة، وراس الجنز، ومسقط، وصور، وجزر الديمانيات، ونزوى ومسندم، وشاركت العائلة خلال جولتها في العديد من الأنشطة مثل حملة تنظيف الشاطئ ومهرجان التوعية البيئية الذي نظمته جمعية البيئة العُمانية في جزيرة مصيرة، كما قدمت العائلة عرضًا عن إجراءات حماية البيئة البحرية لطلاب المدارس، والتقوا بالبحّارة الأشبال في مدرسة بندر الروضة التابعة لعُمان للإبحار، وزارو العديد من المعالم السياحية والطبيعية مثل وادي شاب، ومحمية السلاحف في رأس الجنز، وموقع البليد الأثري، ومحمية أشجار اللبان، والمتحف الوطني، والجامع الأكبر في مسقط.

تجدر الإشارة إلى أن قارب “زهرة الجنوب” قد بدأ رحلته عام 2010م من ألاسكا في رحلة استكشافية طويلة للتوعية بآثار التغيرات المناخية، وتسجيل ملاحظات مباشرة عن حالة البحار والمحيطات. وقد عبروا بالقارب حتى الآن إلى مناطق عديدة في المحيط الهادي، والأطلسي، والبحر الأبيض المتوسط، والمحيط الجنوبي المتجمد، وإلى القطبين الجنوبي والشمالي، والبحر الأبيض المتوسط، وإلى عشرات الجزر والأرخبيلات البحرية، كما عبر قارب زهرة الجنوب في وقت سابق بين المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي من خلال الممر الشمالي الغربي، وهو ممر صعب المرور لكثرة الجبال الجليدية فيه وتغير مسارات الحركة حسب حركة الجليد.

يبلغ البحّار الفرنسي فيليب بوبون، المعروف باسم “فيلو” في فرنسا، من العمر 62 سنة، وله تاريخ حافل في الإبحار الشراعي، حيث كان ضمن الفريق الأسطوري بقيادة الربان إيريك تابرلي في سباق وايتبريد للإبحار حول العالم بين عامي عام 1977-1978، ومنها صنع لنفسه سمعة واسعة كبحّار فردي بفوزه بالمركز الثالث في سباق فيندي جلوب للإبحار الفردي حول العالم، والمركز الأول في سباق روت دورام لعبور المحيط الأطلسي بين فرنسا وأمريكا الجنوبية، وفاز بلقب سباق فيجارو الفردي ثلاث مرات.

أما زوجته جيرالدين دانون، فهي ممثلة ومخرجة أفلام ومنتجة مشهورة في فرنسا، وتتولى على متن القارب مسؤولية تصوير الأفلام التوثيقية للرحلة بالإضافة إلى كتابة التقارير اليومية التي تحكي مجريات الحياة وتنشر التوعية برسالة الحملة، كما تتولى مسؤولية التعليم عن بعد لأبنائهما على القارب.

وفي إحدى التدوينات التي كتبتها جيرالدين وصفت السلطنة بأنها “موئل للسلام، والجمال والازدهار” وأضافت: “استطاعت السلطنة تحقيق التطوير الحضري دون فقدان هويتها الفريدة، فهي بحق جنة للسلام نعيد فيها اكتشاف ذواتنا”.