توّج معالي الفريق أول سلطان بن محمد النعماني وزير المكتب السلطاني طاقم عُمان للإبحار المبحر على متن "القارب مسندم" لقاء الإنجازات المشهودة التي حقّقها في الآونة الأخيرة على صعيد السباقات الدولية، وإسهاماته الكبيرة في رفع اسم السلطنة بعد موسم حافل تمثّل في مشاركات ناجحة بسباقات معروفة لقطع المحيطات وكذلك تسجيل أرقام قياسية حازت على اهتمام ومتابعة وسائل الإعلام والجماهير. جاء ذلك بمكتب معاليه تزامنا مع احتفالات السلطنة بالعيد الوطني الرابع والأربعين المجيد للنهضة المباركة التي أرسى دعائمها قائد البلاد المفدّى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظّم.

 شمل التكريم كلّا من البحّار محسن البوسعيدي المعروف كأول عربي يبحر حول العالم وهو يعدّ أحد أبرز السباقين الأوائل في مشروع عُمان للإبحار ويُشرف حالياً على برنامج السباقات الدولية وبرنامج الإبحار النسائي، إضافة إلى البحّار فهد الحسني وسامي الشكيلي وياسر الرحبي الذين لهم باع طويل من بين البحّارة الشبّان في قيادة القارب مسندم متعدد البدن. وأكّد البحّار محسن البوسعيدي في معرض تعليقه عن سعادته مشيرا إلى أن الإنجازات التي حقّقها طاقم القارب تأتي انعكاسا لمنجزات مسيرة النهضة المباركة التي تخطّت ثلث قرن من الزمن وثمرة لمنظومة التطوّر والبناء التي تشهدها البلاد.

هذا، وقد كانت أبرز إنجازات طاقم القارب "مسندم" المدعوم من وزارة السياحة كسر رقم قياسي عالمي في سباق "النجوم السبعة للإبحار حول بريطانيا وإيرلندا" يقدّر بـ16 دقيقة و38 ثانية حيث قطع مسافة تصل إلى 1956 ميلا بحريا في غضون ثلاثة أيام وثلاث ساعات و32 دقيقة و36 ثانية. وقد ضمّ طاقم القارب الثلاثي العُماني فهد الحسني وياسر الرحبي سامي الشكيلي، إضافة إلى عدد من البحّارة الأوربيين المحترفين. وقد كان الرقم القياسي السابق قد حُقّق على يد فريق بانكيو بابيولير الفرنسي في العام 2011م في قارب أضخم من قارب مسندم (المود 70) ما جعل من إنجاز البحّارة العُمانيين علامة فارقة استرعت انتباه الكثيرين.

و قد سجّل الفريق أيضا رقما قياسيا آخر في السباق الافتتاحي لفئة المود 70 المقام بأسبوع كيل بألمانيا بإكمال مسافة السباق التي تصل إلى 27.5 ميل بحري في غضون ساعة و47 دقيقة و22 ثانية، متخطيا بذلك الرقم السباق الذي أحرزه قارب الإكستريم "اس اي بي" الذي قطع المسافة ذاتها في ساعتين وست دقائق و50 ثانية. وقد استقطب هذا الحدث الأوساط الإعلامية في عدد من الأسواق المهمة لدى وزارة السياحة بأوروبا مثل فرنسا وألمانيا والمملكة المتّحدة وإيطاليا ما يدعم خطة الوزارة لاستهداف هذه الأسواق والترويج للسلطنة بناء على استراتيجية محطّات توقف التي تشمل الخيمة السياحية والقارب مسندم. علاوة على ذلك أكمل القارب في الأسبوع السباق المحيطي الفردي "روت دو رم"الذي يعدّ أشهر السباقات المحيطية في فرنسا، حيث وصل إلى خط النهاية بجزيرة جوادلوب بعد أن قطع مسافة 3,524ميل بحري عبر المحيط الأطلسي في 8 أيام و19 ساعة و15 دقيقة و24 ثانية، وبمتوسط سرعة يصل إلى 21.5 عقدة. وقد تم تحقيق هذا الإنجاز في السباق الفردي على يد الربّان الفرنسي سيدني جافنييه، الذي استقبله مجموعة من طاقم القارب من الشباب العُماني أثناء وصوله إلى خط النهاية في جزيرة جوادلوب في البحر الكاريبي.

ومن الأبعاد التي يصبو إليها مشروع عُمان للإبحار وراء تطوير فرق إبحار دولية إحياء نشاط الإبحار وغرس مفهومه في جيل الشباب حيث لم يكن مصدر رزق للعُمانيين منذ سالف الأزمان فحسب، وإنما كان عنصرا حضاريا ومتأصلا في التقاليد العُمانية وعصبا أساسيا لنشر عمق الدور العُماني المتكّئ على الموانئ التهامية التاريخية على طول الساحل العُماني، والتي استطاعت ربط ثقافات الماضي التليد بالمنجزات التي يشهدها الحاضر. وتحقيقا لذلك يقوم المشروع بتعريف المجتمع برياضة الإبحار من خلال أربع مدارس للإبحار الشراعي منضوية تحت مظلّته في بندر الروضة وولاية المصنعة وولاية صور وفي الموج مسقط.

أما القارب "مسندم" فهو من طراز "المود 70" ثلاثي البدن تم تصميمه لأول مرة في العام 2009م على يد مهندسين فرنسيين وفقا لمواصفات وتفاصيل دقيقة جدا جعلته مميّزا على الصعيد العالمي، وقد تم استحداث هذا التصميم بمواصفات موحّدة وبمتطلّبات عالية من اللياقة البدنية والحرفية في الإبحار، ما يشكل تحديا جيدا لأشهر البحارة والطواقم المبحرة على متنه، كما يوفّر أمام الكوادر العُمانية فرصة لاكتساب مهارات عالية من العيار الثقيل من خلال السباقات القصيرة والمحيطية التي يمكن لفئة المود 70 الإبحار فيها.