في سابقة تاريخية جديدة سجّلتها عُمان للإبحار، عادت يوم أمس الأربعاء إلى المياه العُمانية الثنائي المغامر المدرّبة والبحّارة العُمانية نشوى بنت منصور الكندية والبحّارة البريطانية هيلاري ليستر بعد قطع مسافة تصل إلى 850 ميلا بحريا عبر المحيط الهندي بدءا من مومباي ووصولا إلى مسقط لتكون بذلك أول امرأة عربية تقطع المحيط الهندي وأول معاقة تقطعه. وقد شرعت هيلاري ونشوى في هذه الرحلة الطويلة ليضرب كل منهما مثالا رائعا على الشجاعة والعزم والإصرار والتصميم والسعي لتحقيق الطموحات وبلوغ الآمال، حيث قام الثنائي بتبادل الأدوار في عملية إدارة القارب بواقع ست ساعات لكلّ واحدة أثناء النهار، وبواقع 3-4 ساعات في فترة الليل.

وقد أقيم حفل استقبال لقارب الدراجون فلاي صباح يوم الخميس على مرسى الموج مسقط حيث استقبل موظّفو عُمان للإبحار الثنائي المغامر بحضور الإدارة التنفيذية بعدها أقيم مؤتمر صحفي مع البحارتين تضمّن فقرة ترحيبية وكلمة للواء ركن متقاعد ألبرت ويتلي – المدير التنفيذي لمشروع عُمان للإبحار، والذي أشرف على مسار الرحلة من بدايتها إلى نقطة وصولها، للحديث عن الرحلة ومشاقها ومصاعبها. بعدها تحدّثت الكندية عن تجربتها وعن انطباعها بعد تحقيق الهدف الذي سعت إليه كأول عربية تقطع المحيط الهندي، أما هيلاري ليستر فقد تحدّثت عن رحلتها والتحدّيات التي واجهتها وكيفية التغلّب عليها.

وأعربت نشوى الكندية عن قولها: "سعيدة وفخورة جدا بما تحقّق حيث كان حلمي أن أبحر في رحلة عبر المحيط وأتمنى أن تكون هذه الرحلة محفّزا للشباب والشابات العُمانيين ومن مختلف أنحاء العالم للسعي لتحقيق ما يصبون إليه من آمال. إن رحلتي هذه خطوة أولى لتحقيق حلم أكبر أسعى وأطمح إليه وهو أن أبحر حول العالم أجمع يوما ما. وحينما وصلت إلى أرض السلطنة تذكرت ولاحت لي الأحاديث السريعة بيني وبين هيلاري في أنصاف الليالي وهي فعلا امرأة لها من الخبرة الشيء الكثير فقد تعلّمت منها الشيء الكثير".

أما ليستر فقد أعربت بدورها: "سعيدة جدا لتسجيلنا معا سابقة تاريخية في هذه الرحلة الجميلة التي قطعنا فيها المحيط إلى أن وصلنا إلى عُمان، وقد أثبتت لي هذه الرحلة شيئا جديدا وهي أن قطع المسافات المحيطية أسهل بكثير من الرحلات القصيرة التي تتطلب مني التنقل والحركة بشكل أكثر". وأعربت هيلاري عن شكرها وتقديرها لروجر كرابتري الذي قام بتصميم وهندسة التقنية التي تستخدمها لتتحكّم والسيطرة على القارب عن طريق النفخ، خصوصا وأنه عمليّ وقابل للتركيب من قارب لقارب آخر ما يجعلها تفكر كثيرا في خوض مغامرات جديدة في المستقبل. وأضافت: "أقوم حاليا بالعمل على تقديم العون والمساندة من ذوي الاحتياجات الخاصّة ومحاولة جعل هذا النظام متوفرا لهم أيضا للاستمتاع بتجربة الإبحار كذلك. وقد كانت الليالي المظلمة يوميا أجمل ما يكون في الرحلة وأكثر اللحظات المضحكة كانت عندما طارت أحد الاسماك على وجهي مباشرة – لحظة تجعلني ابتسم حتى الآن".

وكان على طليعة الداعمين للرحلة البحرية إلى جانب عُمان للإبحار كلّ من مجموعة مستال، وشركة المتّحدة للخدمات الهندسية، والناقل الوطني للسلطنة – الطيران العُماني، وجي اي سي بيندار، وهاركين، وأوشين سيفتي، وراي مارين. وقد تم إضافة بعض التعديلات على القارب وإدخال تقنيات حديثة مربوطة بحاسب آلي ومزوّد بمجسّات حساسة مربوطة بحاسوب تسهّل على البريطانية ليستر التحكّم والسيطرة على اتجاه القارب حيث ستقوم باستخدام ثلاث قصبات هوائية صغيرة تقوم بالنفخ فيها للتحكّم بالشراع والدفة. أما الكندية فقد كانت فمثابة المساند طيلة الرحلة.

وللكندية البالغة من العمر 32 عاما سجل حافل في مجال الإبحار فبعد أن بدأت مشوارها البحري عام 2011م، تمكّنت من حيازة جائزة أفضل مدرّبة للعام لقاء جهودها وإسهاماتها التي قدّمتها لتطوير هذه الرياضة وسعيها لتعريف الناشئة على أسسها وقواعدها العملية، كما حازت أيضا على جائزة أفضل مدّربة تطوير رياضة الإبحار على هامش المؤتمر السنوي الذي عقده الاتحاد الدولي للإبحار الشراعي في شهر نوفمبر من العام الماضي. أما البريطانية هيلاري ليستر فتبلغ من العمر 42 عاما وتعاني من شلل رباعي حيث لا تستطيع تحريك كلتا يديها ورجليها أو أي من أجزاء جسدها عدا رأسها وجزء من رقبتها، إلا أن عزيمتها وإصرارها الكبيرين للتغلب على الإعاقة الجسدية ساعدها في الإبحار وتحقيق إنجازات كبيرة منها الإبحار حول المملكة المتّحدة، وتُقدم على الشروع في هذه المغامرة الفريدة رغم الصعاب والتحدّيات. وقد اكتسبت هيلاري صيتا كبيرا بعد أن أثبتت قدرتها على مجابهة إعاقتها الجسدية وأبحرت مفردة حول بريطانيا عام 2009م.

وأعرب دارميش كيمجي المدير الإداري لمستال في مجموعة شركات كيمجي أجيت عن فخره بهذا الإنجاز، وقال: "فخورون بما حقّقته كلّ من هيلاري ونشوى بعد الرحلة الطويلة التي قطعها كلّ منهما فهما اليوم يضربان مثالا رائعا للشريحة النسائية خصوصا على الإصرار على مجابهة مصاعب الحياة والعزم والمثابرة والسعي للإنجاز وصنع المستقبل. هذه الرحلة هي مثال جميل على سعي الإنسان لبلوغ أهدافه وكذلك العمل الجماعي لتحقيق الطموحات ونتمنّى لنشوى وهيلاري كل التوفيق".

وقد جددّ الثنائي المغامر شكره للبحرية الهندية والجمعية الهندية لليخوت لقاء دعمهم الكبير والمشكور، ومنهم الكابتن جايسول – مدير التدريب بالجمعية والمسؤول عن المركز التدريبي التابع للبحرية الهندية وبقية القائمين عليه ومنهم مالاف شروف. وقد قام الطيران العُمانيa أيضا بتوفير رحلات الطيران اللازمة لتسهيل وإتمام متطلّبات الرحلة ووسائل الراحة المناسبة لهيلاري ليستر للسفر من مسقط إلى مومباي في الهند على درجة رجال الأعمال.