في يوم 18 مارس 2013، يسافر أول فريق نسائي عربي للإبحار الشراعي في العالم جميع أعضاؤه من النساء إلى مدينة كويبرو في فرنسا لاختبار قدراتهن على مياه خليج بيسكاي وإثبات أنفسهن في مرحلة سباق قوارب كيلبوت العالمي. وسوف تمثل تجربة الإبحار في تلك المياه الصعبة والأمواج العاتية تحدياً للفتيات بطرق جديدة؛ حيث لن يتعين عليهن تعلم كيفية التعامل مع البرد القارس لرياح المحيط الأطلنطي فحسب، ولكنهن سوف يبحرن في ظل رياح أكثر شدة قوى وأمواج أكثر ارتفاعاً مقارنة بالرياح والأمواج اللائي اعتدن عليها. ولكن، الفريق النسائي المكون من 6 فتيات يتميزن بالجرأة والإقدام لم يشعر بالقلق إزاء تلك الظروف، وبدلاً من ذلك فإن الفريق يستعد ويتوق لمواجهة هذا التحدي الجديد.

وتعتبر جميع النساء الستة جزء من برنامج الإبحار النسائي لمشروع عُمان للإبحار، الذي تم تدشينه في عام 2011 ضمن مجهود وطني يهدف لإعادة إحياء التراث البحري العُماني العريق وتمكين المرأة في عالم الرياضة. ويضع البرنامج تركيزاً كبيراً على دعم الأسرة وتشجيع الآباء لإلهام فتياتهم على السعي لإكتساب مهارات رياضية مثل مهارة الإبحار الشراعي، ومنحهن الثقة للتعلم والمنافسة في هذه الفعاليات الدولية المثيرة.

وسوف تتلقى جميع الشابات، اللائي تتراوح أعمارهن ما بين 21 و28 عاماً، تدريبات من أجل المنافسة في سباق سباي أوست الدولي الشهير للقوارب الشراعية، وهو حدث يستمر لمدة 5 أيام اعتباراً من 28 مارس – 1 أبريل، ويشهد مشاركة عدد يتراوح ما بين 130 إلى 150 قارب شراعي في إنطلاقة السباق، ويضم بعضاً من أفضل بحارة اليخوت من الرجال والنساء في العالم. كما يضم السباق أسطولاً أكبر بكثير من الأساطيل اللائي اعتادت الفتيات على الإبحار فيها، وهو ما يعني أنهن سيتعين عليهن المكافحة بقوة وثبات للتواجد في الصفوف الأمامية للسباق، وسوف يتم اختبار طريقة تعامل الفتيات مع السباق في كل جولة لأنهن سيدخلن في منافسة ضد مجموعة من أبرز الأسماء في رياضة الإبحار الشراعي.

وهذه خطوة كبيرة من الخطوات التي يمكن أن يخوضها أي بحار، ولكن يكون الأمر سهلاً بالنسبة للفتيات بكل تأكيد، ولكن السباق يمثل فرصة أمامهن لكي يثبتن للعالم أن النساء العربيات بإمكانهن المنافسة في أي مجال رياضي عادي مع بقية البحارة في العالم.

يقول نيال ميانت، مدرب فريق الإبحار بقوارب كيلبوت في مشروع عُمان للإبحار: "لقد دأبت الفتيات على التدرب بجدية لأكثر من عام، وقد اكتسبن هذه الفرصة للسفر والمنافسة خارج مياههن الإقليمية".
وأضاف: "الخبرات اللائي سوف تكتسبها هؤلاء الفتيات من المشاركة في مسابقة بهذه المستوى ستكون ضخمة." ورغم المنافسة المحتدمة التي من المتوقع أن تواجهها هؤلاء الفتيات على صفحة المياه، فإنهن يتفهمن أن مشاركتهن في هذا السباق لا يهدف إلى المنافسة الرياضية فحسب، ولكنه يهدف إلى التعلم وإثبات قدرتهن على الإبحار في مستوى دولي للعالم.

وقد دأبت رجاء العويسي، من المصنعة، على الإبحار مع فريق قوارب الكيلبوت لمدة 6 أشهر، وحصلت على المهمة الشاقة المتمثلة في إدارة دفة (قيادة) القارب. وتعلق رجاء على ذلك بقولها: "أشعر بقدر محدود من القلق؛ لأن هذا السباق سيمثل تجربة جديدة بالنسبة لي، وهي المرة الأولى التي سأتمكن فيها من قيادة القارب في سباق للقوارب الشراعية بنفسي، إنها مسؤولية كبيرة بالنسبة لي، وأنا أتطلع للمشاركة في هذا السباق وتعلم مهارات جديدة."

ولن يتعين على الفتيات البدء في التعامل مع قارب جديد في سباق صعب ومليء بالتحديات ومكان جديد للإبحار الشراعي، ولكن درجة الحرارة ستمثل أيضاً تجربة جديدة بالنسبة لهن. وسوف تكون هناك أمطار ورياح قارسة في بعض الأوقات. وتعلق إنتصار التوبي على ذلك بقولها: "أنا قلقة قليلاً بخصوص البرد، وقد تم إخباري بضرورة تدفئة جسمي بملابس ثقيلة وإرتداء الكثير من طبقات الملابس!"

وعلى الرغم من مشاعر القلق هذه، فإن أعضاء الفريق يتطلعون في المجمل إلى الاستفادة من هذه الفرصة الفريدة للتعلم، وهي فرصة لتجربة ثقافة جديدة تماماً. وصرحت التوبي بقولها: أنا مهتمة بالإطلاع على أسلوب المعيشة في فرنسا، ومن الرائع أنني سوف أتمكن من قضاء فترة طويلة نوعا ما هناك، ولهذا فسوف نتمكن بالفعل من الإطلاع على طريقة وأسلوب المعيشة في أوروبا."

وفيما يتعلق بالقارب الذي سيبحر الفريق على متنه، صرح ميانت بقوله: يعتبر قارب جي80 أصغر قليلاً من القارب الذي اعتدنا الإبحار على متنه، ويميل إلى السير في إتجاه الرياح بشكل أكثر قوة وحيوية في ظل هبوب الرياح القوية. وسوف تضطلع الفتيات بالكثير من المسؤوليات الإضافية بشكل يفوق المسؤوليات اللائي اضطلعن بها من قبل في أي وقت مضى، ولا شك في أنهن سوف يجدن السباق مثيرا للكثير من التحديات الضخمة والصعبة، ولكنهن يحرصن على التعلم وإثبات أنفسهن على الساحة الدولية."

وسوف يتدرب الفريق النسائي بالكامل على طول سواحل شبه جزيرة كويبرو، مع استخدام المدرسة الوطنية للإبحار الشراعي كقاعدة له. وسوف تتواصل حصص تدريبات اللياقة البدنية الروتينية العادية اللائي يؤديها الفريق في الصباح، كما يؤدي الفريق تدريباته على المياه في المساء، لأن مستوى اللياقة البدنية الجيد مهم عندما يكون الإبحار على متن قارب جي80. وبالنسبة لسباق القوارب الشراعية نفسه، سوف ينضم إلى الفريق المدربة والمتسابقة البريطانية المتمرسة ليز روشال، وهي من أبرز المدربات في الإتحاد الملكي لليخوت "RYA" للمساعدة في إرشاد المتسابقات العُمانيات على التعامل مع التعقيدات المتعلقة بالمنافسة مع أسطول كبير من القوارب الشراعية.

وتعلق البحارة الشهيرة دي كافاري، التي خاضت تجربة للطواف حول العالم باليخوت الشراعية، والتي دأبت على السباق والتدريب مع الفتيات خلال العام الماضي: "هذا فرصة مذهلة للفريق، وهن مستعدات بالتأكيد لخوض تحدٍ جديد، وليس لديّ شك في أنهن سوف يستفدن من التجربة ويتعلمن منها، مع تطلع البحارة القادمين من شتى أنحاء العالم بذهول إلى تلك الشابات الجريئات."